lundi 17 décembre 2012

نص رسالة الثعالبي في الجهاد




"من عبد الرحمن بن محمد الثعالبي، لطف الله به، إلى مقام الولد الفقيه الخير أبي عبد الله محمد بن أخينا في الله سبحانه سيدي احمد بن سيدي يوسف الكفيف، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد فقد وفقني الله وإياكم لمرضاته، وانعم علينا وعليكم بجزيل فضله وعميم خيراته. فقد وقفتُ على كتابكم وانتم تستشيرونني في نقل كتبكم إلى زواوة خوفا من عدو الدين ان ينزل بساحة المسلمين. فاعلم رحمك الله أن نقلها من الحزم ولكن إلى ما قرب منكم من الأماكن لأن العدو، دمرهم الله، إنما مقصدهم المدن.
وفرحت بحمد الله باشتغالكم بدرق العود فما يوجد أنفع للنَّشّاب ولا لدفع مضرته من درق العود فمن كانت بيده درقة عند لقاء العدو يشفي ويستشفي ويبلغ غرضه ويبلغ غرضه بحول الله تعالى وقوته. وأما درق الجلد فلا يُغتَرُّ بها لأن السهام تنفذ منها وتتجاوزها إلى ممسكها. هذا مع القرب جربناه مرارا. ودرق العود لا تنفذ فيها السهام مع القرب فأحرى مع البعد فاختبروا ما ذكرناه لكم يتبين لكم الصواب.
ولست اخاف على بلدكم لأن والدكم، رحمنا الله وإياه، أخبرني ان  رأيتم ما لا تطيقون من كثرة العدو تُخلون من اجله ولا يبقى  في البلد إلا المقاتلة، ونصر الله تعالى معكم مأمول، ولأن  العدو إذا علم ان الذرية والحريم وما عز من  المال قد فاته فتَّ ذلك في عضُده ولم يقتحم كل الاقتحام لفوات غرضه.
وأهل بلدنا وما قرب منها، بل وما بعُد عنهم لما أن حرّضتهم على درق العود اجتهدوا في ذلك حاضرة وبادية ففرحتُ بحمد الله تعالى بامتثالهم ما أُمروا به. وقد قدَّمتُ إلى فُضلائهم  أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد وأكد كثيرا فحرّضتُ الناس جَهدي ورأيتُ أثر ذلك في الناس بحمد الله تعالى فإنهم سارعوا وصدقوا وامتثلوا وقد وُعِدنا النصر، بحمد الله تعالى، وقد تكرر عليّ التحريض نحو سبع مرات وفي بعضها "شد روحك"، يعني في التحريض، وفي بعضها "وأنتم منصورون". والذي آمُرُكم به، وفقكم الله تعالى، أن تكثروا من درق العود كثرةً تعمُّكم وتعمُّ من من يصرخكم (ينجدكم).
وقد جاءني  بعض إخواني من أهل  الفضل فقال رأيت كأن فارسا وبيده درقة وهو يقول: وأعدوا لهم  ما استطعتم من قوة الدرق والرماح. وفي رؤيا عنه، صلى الله عليه وسلم، قال من عمل درقة (يعني للجهاد) فإنها تحول بينه وبين النار. لما أخبرتهم بهذه الرؤيا زادهم ذلك رغبة حتى أن جماعة من النساء اشترين الدرق لأجل وعده الصادق صلى الله عليه وسلم.
واعلم يا أخي أن قلبي متألم من أهل بجاية وخِفتُ عليهم كثيرا من جهة آمسيوين. وقد بعثت إلى بعض الفقهاء منهم بالتحريض من غير كتب فما رأيت لكلامي عندهم تأثيرا كما أثر هنا. وإذا أراد الله بأمر فلا محيد عنه وإن هم قبلوا نصحي كانوا ممتثلين لتحريض النبي صلى الله عليه وسلم فإن كلامه حق يقضةً ومناماً ورؤيته حق فإن الشيطان لا يتمثل بصورته مطلقا.
والذي يحبه منهم أن ينهضوا ويسرعوا في عمل الدرق من الصفصاف وتكون كاسية ولا يتكلوا على الطوارق ولا على اللمط كما أخبرتك. فاكتب إليهم بالتحريض في عمل الدرق ويكثروا  كثرة تعمهم وتعم من يصرخهم. وأهل بواديهم أعلمهم قديما عراة ولا درق معهم إلا نادرا.  وقد انتهى حال أهل جبالنا إلى أن اتخذوا الدرق من الفرنان، وكذلك انتم فافعلوا بمن أعوزه درق العود فليصنعه من الفرنان الغليظ طبقين طبقين. فإن كل عاقل يستشعر قتال بني الأصفر فإنهم قد أصيبوا في القسطنطينية وغيرها. وقد علمتم أن أخذها من الأشراط وإن لبني الصفر حميةً في النصرة لصليبهم.
فاكتب رحمك الله لإخوانك ببجاية وحذرهم ليتيقظوا  ويعملوا ما أشرنا إليه من الدرق على الوجه الذي أشرنا إليه فهي أقرب مراما وأقل كلفة من بناء الأسوار التي لا يرفعها إلى المال الكثير في الزمان الطويل، ويُخاف أن الأمر أعجل. اللهم إني قد بلَّغتُ.. اللهم إني قد بلَّغتُ.. اللهم إني قد بلَّغتُ.. اللهم اشهد.. اللهم اشهد.. اللهم اشهد.. وإذا وصل إليك هذا الكتاب فاقرأه على جميع أصحابنا ثم ابعثه إلى بجاية لمن يعلن به ويُشِيعُه.
ولو اطلعتم على ما اطلعتُ عليه من التحريض لما وسعكم أن تشتغلوا بشيء من أمور مهماتكم مع الصلاة إلا بآلة الجهاد. والله والله لو لم يكن بنو الأصفر على وجه الأرض لخلتُ ان ينبعوا من تحت الأرض لِما رأيتُ من التحريض والتحذير منهم من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن يحب تصديقه فليفعل ولا يمكنني ان أصرح به لضعيف الإيمان. وقد سُئِل بعض  الأولياء عن مسألة فسكت وقال للسائل إن إيمانك لا يحتمل هذا. وبالجملة الحذرَ الحذرَ مما حُذِّرتم.
وأما تعيين وقتهم فذلك إلى الله، هو أعلم. نعم، قرائن، الحال وما شوهد من تحريض النبي صلى الله عليه وسلم يُؤذن بالقرب. ومما ينبغي أن تكثروا من المكاحل، كثرةً تعمكم وتعم من يريد صرختكم.


كملت من خط الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي. وكتبه سيدي يخلف ابن محمد أصلحه الله".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire